تمرّد لئيم.. قصّة قصيرة..

تمرّد لئيم.. قصّة قصيرة..

تمرّد لئيم.. قصّة قصيرة..

تمرّد لئيم.. قصّة قصيرة..

تمرّد لئيم ، قصّة قصيرة ، مضمونها ملخّص في عجز البيت الشّعري:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللّئيم تمرّدا

تمرّد لئيم.. قصّة..

عملت معه على كتابه أكثر ممّا كان مفروضا،

لم أكن المدقّق الإملائي فقط،

بل ساعدته على تهذيب الكثير،

بل على أغلب الأفكار،

ولا أبالغ إن قلت أنّه كان من المفروض أن يكون تأليف الكتاب عملا مشتركا بيننا،

لكنّي اعتبرت نفسي مساعدا لا غير، وقلت أنّي سأكتفي بدور المدقّق الإملائي في العلن،

لأنّي لم أساعده إلّا لأجل صداقتنا من جهة، وحبّي للتّدوين والكتابة من جهة أخرى.

أحضر أوّل نسخة،

استدعاني إلى بيته،

وقدّمها لي فباركت له،

كنت جدّ سعيد لأجله،

طلب منّي معاينة الكتاب فعجبت له،

إذ أنّي اشتركت في جميع مراحل تأليفه،

لم عليّ المعاينة؟ أعلم كلّ ما فيه،

قلت: “لعلّها سعادته بكتابه الأوّل لا غير”، لذلك جاريته،

فأخذت أقلّب صفحات الكتاب،

شدّني الإهداء، إذ أنّه الجزء الوحيد الّذي لم يشاركه معي ولم أره قبلا:
“اهداء
الى والداي وزاوجتي، لولاكوم ولولا دعموكوم لما تم عملي الاول”.

تمرّد لئيم.. قصّة…

استغربت نفاقه،

فزوجته غادرت البيت مرّتين، رفضا لصرف دينار واحد على الكتاب،

وقد حاولت مع 5 دور نشر،

حتّى اقتنعت واحدة بنشر العمل، مع تحمّلها كامل التّكاليف،

كما أنّه لم يخبر والديه أبدًا عن كتابه،

لأنّه يعلم أنّهما سيقفان ضدّه.

لأكون صادقا، كنت داعمه الوحيد.

قطّبت حاجبيّ، ولم أنبس ببنت شفة، بل قلبت الصّفحة، وأكملت التّصفّح.

تمرّد لئيم.. قصّة…

بادرته:
– مبارك لك يا غالي، هيا لنحتفل، ثمّ سأخبرك بملاحظة صغيرة فقط.
– اعذرني يا صديقي، لقد دعاني السّيّد سعيد، مدير دار النّشر، إلى بيته لنحتفل بكتابي، فقد أصبحنا صديقين، وقد طلب أن أحضر معي شخصا واحدا، فدعوت رمزي تقديرا منّي على مجهوده، أقصد حين أعارني سيّارته يوم توقيع العقد.

– استمتع.
قلت كلمتي الأخيرة وهممت بالمغادرة مفطور القلب، مكسور الخاطر، ليس لأنّي توقّعت جزاء أو شكورا، وإنّما لم أتوقّع نكرانا وإهمالا.

وأنا أهمّ بالمغادرة سمعت ضحكا:

– هل غضبت يا صديقي؟ مفاجأة!!
خرج من الغرفة المجاورة مجموعة من الأصدقاء، والمدير سعيد، وبعض العمال في دار النّشر، ليعيد الجميع:
– مفاجأة.

تمرّد لئيم قصة غدر الصديق

تمرّد لئيم.. قصّة..

لم أحرّك ساكنا، وأبقيت لساني في محلّه، غير راغب في الكلام، أيّ مفاجأة؟ وهو يعلم شدّة بغضي لما يسمّى مفاجأة! أيّا كان نوعها.

دنا منّي، وقام بدفعي بيده، ثمّ ابتعد قليلا، وقال بصوت جهوري يدلّ على الفخر:

– أرأيتم وجهه وهو يطالع الإهداء ولا يجد فيه اسمه؟ شخُص بصره كأنّ الموت خطفه.
التفت إليّ والجميع بين مبتسم وضاحك ثمّ قال:

– تلك كانت نسخة مزيّفة من كتابي، فقط لعمل هذا المقلب لك، أمّا النّسخة الأصليّة فالإهداء لك يا صديقي، أنت تستحقّه.

قال كلامه الأخير وهمّ أن يعانقني، فعدت خطوتين إلى الوراء، وأبعدت يديه عنّي ثمّ قلت:
– تعلم أنّي أبغض مثل هذه المقالب، وتتعلم جيّدا بغضي للمفاجآت، فَلِم فعلت هذا؟
ابتسم وأعاد محاولة العناق، ليخبرني بصوت منخفض:

– لا تأخذ الأمر بشكل شخصي، هناك من يصوّر الحدث، تظاهر بأنّك متفاجئ وسعيد، سنقوم بنشر الفيديو ليكون ترويجا لكتابي، قم بهذا لأجلي أرجوك، لم أرد مفاجأتك، وإنّما أردت أن أقوم بترويج فريد من نوعه، وسيكون هذا ناجحََا على ما أعتقد.

تمرّد لئيم.. قصّة..

شعرت بأنّي مجرّد أحمق، وبأنّه يعتبرني سلّما يجلبني متى أراد الصّعود خطوة، ولو على حساب مشاعري، ثمّ يبعدني، كان يعلم جيّدا أنّي أشعر بالإهانة بسبب المقالب ومع هذا فعلها، دفعته بعنف نوعا ما ثمّ قلت:

– فليتوقّف عن التّسجيل من يصوّرني، وإيّاكم أن أجد صورتي أو فيديو لي على أيّ موقع تواصل اجتماعي، أعدكم أنّي سأرفع دعوى قضائيّة ضدّ من ينشره.
كنت سأخرج، ثمّ التفتُّ إلى من ظننته صديقا يوما، وقلت:

– أتمنّى أن ينجح كتابك حقّا، أمّا عن الملاحظة الّتي كلّمتك عنها سابقا، فأرجو أن تصحّح الإهداء، فالأخطاء فيه معيبة، حتّى بالنّسبة لكاتب مبتدئ.

ضحك وقال:
– سينجح كتابي، لأنّ فيه أفكاري، أيّها المدقّق الإملائي، أنت مجرّد مدقّق، وغيرك من المدقّقين كثير، فاترك ملاحظاتك لآخرين.

تمرّد لئيم.. قصّة…

كان الجميع يحاول أن يجعل الجوّ بيننا أقلّ حِدّةً، لكنّني كنت ثائرا، ولم أستطع كبح لساني على الأقل، مع هذا كان ردّي بصوت منخفض جدّا، ولم يسمعه غيره:

– نعم غيري من المدقّقين كثير، لكن أرجو أن تجد مدقّقا يصحّح لك كلمة “قامس” الّتي تقصد بها “قميص” دون أن يخبر أحدا، وأنت تعرف أنّ “قامس” هي أقلّ أخطاءك إحراجا.

خرجت، وأنا أشعر بغضب شديد، شعرت بالمهانة، شعرت أنّه يحاول إظهار أنّي أتوسّل أن يذكرني في إهداءه، كأنّي سأحصل عليه صدقة، وليس استحقاقا.
تمّت..

#سحر_اللّيزانثس

اقرأوا أيضا:  قصّة لنفس الكاتبة: بداية التزامي

عن Sahar benslimane

طالبة بكليّة الطّب، جامعة سعد دحلب البليدة- الجزائر، سنة خامسة. عضو في ImedRa. مدوّنة على منصّة محتوى. كاتبة هاوية، وسحر اللّيزانثس هو الاسم الأدبي.

2 تعليقات

  1. عبد الرحيم أ.

    ما شاء الله الأخت سحر, مزيدا من العطاء…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *