شارع الخيامية وسط القاهرة.. من فن الزخرفة إلى الزينة الرمضانية | أسلوب حياة

شارع الخيامية وسط القاهرة.. من فن الزخرفة إلى الزينة الرمضانية | أسلوب حياة

شارع الخيامية وسط القاهرة.. من فن الزخرفة إلى الزينة الرمضانية | أسلوب حياة


القاهرة – يمتهن الثلاثيني أحمد ربيع حرفة الخيامية منذ كان في السابعة من عمره، وهي صناعة الأقمشة الملونة التي تستخدم في صنع خيم و”سرادقات” أو مفروشات منزلية أو حتى لوحات فنية تعلّق على الجدران.

يعمل ربيع في محله بشارع الخيامية الذي يقع في حي الدرب الأحمر بالقاهرة، وعلى الرغم من تراجع الحرفة اليدوية في السنوات الأخيرة، جراء انتشار الآلات الحديثة ومنتجاتها، يثابر الرجل على عمله مع عشرات غيره ممن يحترفون هذه الصنعة في الشارع العتيق الذي يحمل اسم مهنتهم.

FW: الخيامية.. شارع يحكي تاريخ زينة رمضان بمصر
الخيامية فن مصري عريق وهو صناعة الأقمشة الملونة التي تستخدم في إنتاج الخيام (الجزيرة)

تاريخ الخيامية

في شوارع القاهرة القديمة، يصعب أن تسير بضعة أمتار من دون أن تلقى أثرًا يشهد على تاريخ المنطقة الممتد على أكثر من ألف عام. غير أن شارع الخيامية يتميّز عن سواه بكونه لا يُؤرّخ بأبنية قديمة وحسب بل بمهنة متوارثة.

والخيامية فن مصري عريق، والمصطلح مشتق من كلمة خيام، وهو صناعة الأقمشة الملونة التي تستخدم في صنع الخيام و”السرادقات”.

وقبيل شهر رمضان من كل عام يتحوّل الشارع إلى مقصد لآلاف المصريين الذين يرغبون في شراء الزينة الخاصة بالشهر الكريم، كالرايات الورقية والفوانيس المستوردة والمصنعة محليا بأسعار رخيصة، مقارنة بالمتاجر الكبرى.

ويذكر باحثون متخصصون أن المصري القديم هو أول من عرف الخيام في عصر بناء الأهرامات، فاستخدمت حينئذ مظلة لرئيس العمال، فضلا عن الأشرطة والأحزمة والوسائد المنقوشة بطريقة الخيامية، والتي استخدمها المصريون القدماء في حياتهم اليومية.

FW: الخيامية.. شارع يحكي تاريخ زينة رمضان بمصر
المنتج الآلي أو “المطبوع” يلقى إقبالا كبيرا خصوصا في موسم شهر رمضان (الجزيرة)

وخلال الاحتلال اليوناني والروماني لمصر استخدمت الخيمة المنقوشة بالقماش للجيوش العسكرية، ومع الفتح الإسلامي أبدع الحرفي المصري في توظيف الخيامية لتكون متلائمة مع الدين الجديد، فنقشت العبارات الدينية والآيات القرآنية بطريقة خاصة إلى جانب الأعلام والبيارق لمشايخ الطرق الصوفية وكساء الأضرحة.

وشهد حكم الدولة المملوكية ازدهار فن الخيامية بسبب تنافس حكام تلك الحقبة على اقتناء كل غال وثمين من الأقمشة المنقوشة بهذا الفن.

ووفق اللافتة المعلقة من جانب وزارة السياحة والآثار في بداية شارع الخيامية، فإن تاريخ الشارع يعود إلى العصر المملوكي (1250-1382)، أي إن عمره يزيد على 600 عام.

وهو أحد الأسواق المسقوفة القليلة في مصر، حيث تم تسقيفه بالخشب مع ترك فراغات تضمن دخول الهواء وأشعة الشمس، وتصطف فيه الحوانيت والورش الضيقة بطول الشارع.

FW: الخيامية.. شارع يحكي تاريخ زينة رمضان بمصر
شارع الخيامية يستقبل كل يوم زوارا منهم سياح أجانب (الجزيرة)

القديم يواجه الحديث

وعلى الرغم من أن المنتج اليدوي ما زال يجد زبائنه، فإن المنتج الآلي أو “المطبوع” -كما يسميه أحمد ربيع- يلقى إقبالًا كبيرًا، خصوصًا في موسم شهر رمضان.

ويعزو ربيع -في حديثه للجزيرة نت- الأمر إلى رخص ثمن المنتجات المطبوعة التي يقبل عليها الجمهور خلال رمضان، مثل أغطية الوسائد ومفارش الطاولات والرايات.

ويقول ربيع إن “سعر غطاء الوسادة اليدوي يراوح بين 50 و250 جنيهًا، بينما المطبوع يرواح سعره بين 10 و25 جنيهًا” (الدولار يعادل 30.90 جنيها).

ويوضح أن الزبون السائح من دولة أجنبية أكثر تقديرًا للمنتج اليدوي من الزبون المحلي، مشيرًا إلى أن هناك أشكالًا محددة يزيد الإقبال عليها، مثل التصميمات الإسلامية وتلك المستلهمة من زهرة اللوتس.

FW: الخيامية.. شارع يحكي تاريخ زينة رمضان بمصر
مفارش الطاولات وأغطية الوسائد والفوانيس المصنوعة من الأقمشة هي الأكثر طلبا في رمضان (الجزيرة)

ويشير ربيع إلى غلاء أسعار المواد الأولية المستخدمة في صناعة الخيامية، الذي أدى إلى زيادة أسعار المنتج النهائي، ومن ثم تراجع حركة البيع، لا سيما إثر تراجع السياحة في مصر خلال سنوات ما بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ثم جائحة كورونا.

ما لحق بصناعة الخيامية من منافسة الآلة، وما تتسم به الأجيال الجديدة من افتقاد الصبر، جعل توارث صناعة الخيامية أمرًا نادرًا، وفق قول ناصر محمد الذي يعمل في المهنة منذ نحو 30 عامًا.

يقول ناصر محمد “هذه المهنة تحتاج إلى دقة عالية، وتستلزم الصبر، أما الأجيال الجديدة فتميل إلى كل ما هو سريع”، مشيرًا إلى أن بعض القطع يستغرق تنفيذها 4 أشهر، بينما تنفذها الآلة في يوم واحد.

المستفيدون

تعثر صناعة الخيامية يقابله رواج المنتج الآلي أو غير اليدوي، وهو ما يؤكده أحمد فتيح الذي يمتلك متجرًا داخل شارع الخيامية لبيع الزينة الرمضانية.

يقول إن الزبون يحتاج إلى منتج يستخدمه خلال شهر رمضان فقط، مثل مفارش الطاولات وأغطية الوسائد والفوانيس المصنوعة من الأقمشة، ومن ثم لا يدقق في الجودة التي يتميز بها المنتج اليدوي، فهو يبتاع سلعة يستخدمها شهرا فقط.

FW: الخيامية.. شارع يحكي تاريخ زينة رمضان بمصر
المصريون يقبلون بشدة على شراء الفوانيس في رمضان (الجزيرة)

وبالإضافة إلى الخيام المطبوعة، يبيع فتيح منتجات عدة للزينة الرمضانية، مثل ملصقات الشخصيات الكرتونية المرتبطة بأعمال درامية عُرضت عبر الشاشة التلفزيونية خلال الشهر الكريم، ومعلقات على شكل هلال وغيره من التصاميم الإسلامية، ومباخر وصواني مطبوع عليها عبارات مرحّبة بقدوم أيام الصيام.

أما المنتجات الأكثر مبيعًا التي تلقى إقبالًا من الزبائن في شهر رمضان فهي أغطية الوسائد والرايات المطبوعة بتصاميم إسلامية، حسب تأكيد صاحب المتجر.

وعن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وتأثيرها في حركة الشراء، يؤكد فتيح ضعف الإقبال هذا العام، مضيفا “ولكن مقارنة بالمحال والمتاجر في المناطق الأخرى، فإن حركة البيع في شارع الخيامية تُعد جيدة كون الأسعار هنا تقلّ إلى النصف تقريبًا”.

وهذا ما تؤكده إحدى المشتريات التي قالت إنها ابتاعت فانوسًا لابنها بـ50 جنيهًا، على الرغم من أنه يُباع في متجر بمنطقة سكنها في مدينة نصر بـ110 جنيهات، مشيرة إلى أنها فضّلت الفانوس المصنوع محليا عن المستورد لأنه أرخص.


Source link

عن عبد القادر

عبد القادر مؤسس منصة محتوى Mouhtwa مهندس كمبيوتر، Digital Marketing Project Manager، متخصص في مجال التجارة الإلكترونية، الكمبيوتر و التسويق الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *