الدار في قصور بني مزاب،روائع الهندسة حضارة، تراث وفن معماري عالمي

تعتبر الدار اهم مبنى في قصور بني مزاب.

تقوم فلسفة هندستها على اسس قوية معبرة عن احتياجات، فكر، عادات و تقاليد اهلها.

 ” مزاب درس في الهندسة المعمارية ” – اندري رافيرو –

( – Le M’Zab, une leçon d’architecture ”- André Ravéreau “ )

هكذا وصف المهندس المعماري الفرنسي ”اندري رافيرو “ المزاب في كتابه ” le M’zab, une leçon d’architecture “.

دار بني مزاب عنوان للبساطة و الاصالة 

الدار في قصور بني مزاب درس في الهندسة، في الحضارة و البراعة  ( و يسمى كذلك ” le savoir-faire “ ) الموجودة عند بني مزاب.

هذه الحضارة التي يتعدي عمرها 1000 عام، التي كانت ولا تزال علامة مميزة للهندسة في الجزائر.

تقوم فلسفة هندستها على ثلاثية مقدسة تتمثل في المسجد، الدار، السوق.

النسيج العمراني للقصر المزابي متجانس. يتمثل هذا التجانس في الديار المتشابهة من حيث الشكل، الأبعاد  و حتى الألوان.

تكون الدار مكونة من طابقين، قبو و سطح. مساحتها لا تتجاوز مائة متر مربع. هذه الدار مفتوحة نحو الداخل من خلال وسط الدار شبه مفتوح للحفاظ على خصوصية أهله وهو ما يعرف بالحرمة.

واجهة الدار بسيطة حيث لا فرق بين دار الغني و دار الفقير. لا تحتوي على نوافذ وان وجدت تكون صغيرة بما يسمح بالتهوية فقط.

باب المدخل يكون من الخشب طوله يعادل متوسط طول الإنسان . تميزه العتبة يبلغ ارتفاعها 15 الى 20 سم، لمنع دخول الأتربة، مياه الامطار نحو الداخل.

عادة ما تكون العتبة  موجهة نحو القبلة، حيث يعتقد بني مزاب انها بذلك تكون جالبة للبركة.

الفضاءات المميزة لدار بني مزاب 

السقيفة عنوان الخصوصية 

المرور من الخارج نحو الداخل يكون عبر وسيط هي السقيفة ( تسقيفت )، لكي لا يتمكن المارة من رؤية ما بداخل الدار. الجدار المقابل للباب يحتوي على فتحة على ارتفاع طول الإنسان، مما يسمح برؤية السقيفة دون ان تُرَى.

وسط الدار ( أو Le patio ) عين الدار المزابية 

لما ننتقل الى الداخل، نجد وسط الدار ( أماس ن تيدار )، و هو فضاء رئيسي تطل عليه جميع الغرف.

تتم فيه معظم نشاطات اليومية من غسيل، نسيج، طبخ…الخ فيعتبر مكان لنساء الدار بالدرجة الأولى.

يجمع عدة أماكن: أرفف للتخزين، ركن ممكن لموقد صغير محاط بالرفوف لتحضير وجبات الطعام، خطاف لتعليق الملابس و المصابيح وسجاد الصلاة.

و يمثل كذلك عنصر ايكولوجي هام، من خلال فتحة الشباك التي تسمح بالإضاءة التهوية لجميع الغرف المحيطة به.

 غرفة الاستقبال في دار بني مزاب 

هذه الغرفة لها اتصال مباشر بالسقيفة حفاظا على خصوصية الدار، فالدار عند بني مزاب لا يدخلها الا أهلها و الأقارب فقط.

”لعالي“ غرفة الاستقبال للرجال 

وتكون عادة في الطابق العلوي من الدار، حيث تكون معزولة أكثر بواسطة أدراج مستقلة عن فضاء النشاط اليومي للنساء.

”تيزفري“ غرفة الاستقبال للنساء 

القاعة التي لا تخلو منها الدار المزابية.

هي غرفة مخصصة للنساء، فيها يجتمعن وينجزن أشغالهن، و تقمن بنسج الزرابي والمنتجات النسيجية التقليدية.

مدخلها يكون عادة عريضا نوعا ما، ومتّجه نحو القبلة أو الغرب للاستفادة أكثر من الضوء الطبيعي.

المطبخ في دار بني مزاب 

المطبخ  (إينّاينا) يقتصر فقط على موقد يختار لموقعه زاوية من وسط الدار.

استراتيجية تموقعه في الدار تمكن المرأة من مراقبة كل يحدث في المسكن والمدخل بصفة خاصة.

الغرف في دار بني مزاب 

تخصص غرف ( تيزقوين ) الطّابق الأول للأولاد والازواج الجدد، لما في ذلك من استقلالية وراحة نفسية لهؤلاء.

هذه الغرفة تكون بسيطة،ذات مقاسات صغيرة، لا يوجد بها أثاث بل رفوف، حيث تتبث على الجدران مشاجب خشبية لتعليق الثياب و الأغراض.

السّطح فضاء داخلي-خارجي للدار 

السّطح ( تِغرْغرتْ) منفتح على المناخ الخارجي، و يستعمل لغسل الملابس، لإقامة الحفلات و للنوم أيضا في فصل الصيف.

يشهد سكان بني مزاب هجرة فصلية، تتمثل في الانتقال للنوم على السطح  و الذي يكون أبرد في فصل الصيف.

كذلك تتلاقى فيه النساء بجاراتها للتحدث و يساعد في ذلك التصاق الديار مما يسمح بزيارة جيرانها دون الخروج الى الزقاق.

في العموم، الدار المزابية تراث عالمي يستحق البحث.

هندسة معمارية و عمرانية دون مهندس، انما هي براعة اهلها في التعبير عن احتياجاتهم و طريقة عيشهم، عاداتهم و حتى مناخهم.

وبالرغم من التطور وحداثة المنازل في وقتنا الحالي، إلا ان دار بني مزاب بقيت محافظة على أصالتها.