عبادة الاعتكاف: شروطه، مبطلاته و حكم الاعتكاف في البيت بسبب الحجر الصحي

عبادة الاعتكاف: شروطه ومبطلاته وحكم الاعتكاف في البيت بسبب الحجر الصحي

ترتبط عبادة الاعتكاف ارتباطًا شديدًا بعبادة الصيام، والاعتكاف هو لزوم مسجد تقام فيه صلاة الجماعة لِذكر الله عزّ وجلّ وعبادته. فيشرع للمعتكف صلاة التطوع و تلاوة القرآن و الذكر و التسبيح و غيره من أعمال التطوع.

وهو مشروع في رمضان وفي غيره من أيام السنة، و في رمضان أَوْلى وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في رمضان وكان يعتكف العشر الأوسط من رمضان تحرياً لليلة القدر، فلما تبين له أنها في العشر الأواخر نقل اعتكافه اليها وداوم على ذلك حتى توفاه الله تعالى.

والاعتكاف سُنة، إلا بالنّذر فيَصير واجبًا، لأن عمر رضي الله عنه نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (أوف بنذرك) فدلّ هذا على وُجوب الوفاء بالنذر، و دلّ على أنه لا يُشترط الصيام للاعتكاف لأن الليل ليس به صوم.

شروط عبادة الاعتكاف:

النية:

وهذا في كل عبادة لقوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) فلو جلس بالمسجد للرّاحة أو للنوم أو غيره فلا يحصل له أجر الاعتكاف.

الاسلام:

فالاعتكاف لا يصِح من كافر وهذا في كل الأعمال.

العقل:

فلا تَصِح العبادة إلا من عاقل، فالمعتوه أو المجنون الذي ليس له عقل لا يصِح له الاعتكاف لأنه لا يأتي بالنية.

التمييز:

ويشترط في المعتكف أن يكون مميزا، فلا يصح مثلا من الطفل ذي سبع سنين.

عدم ما يوجِبُ الغُسل:

وهذا لقوله تعالى (و لا تباشروهن و أنتم عاكفون في المساجد) [سورة البقرة: آية 187‏] فلا يمس امرأته مادام  معتكفاً، وأما أن تأتيه تجلس معه وتتحدث معه فلا بأس بذلك وكانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم يزرنه في مُعتكفِه ويجلسن معه ويتحدث اليهن.

وكون الاعتكاف بمسجد:

لقوله تعالى (وأنتم عاكفون في المساجد)  [سورة البقرة: آية 187‏] فالأصل فيه أن يكون بمسجد، ويأتي أدناه تفصيل الاعتكاف في البيت بسبب الحجر الصحي. وأما الخلوة التي تلهي عن صلاة الجماعة وصلاة الجمعة فهي محرمة. فقد سُئِلَ ابن عباس رضي الله عنه عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولكنه لا يأتي الجمعة والجماعة فقال هو في النار. ويشترط في مسجد الاعتكاف أن يكون تُقام فيه صلاة الجماعة أي أن لا يكون مهجورا، وهذا حتى يتجنب المعكتف فساد اعتكافه بالخروج من المعتكف الى صلاة الجماعة أما بالنسبة للجمعة فلا حرج في الذهاب اليها لأنها لا تتكرر كل يوم.

وأما من نذر الاعتكاف في مسجد مُعين من غير المساجد الثلاثة: المسجد الحرام و المسجد النبوي و المسجد الأقصى بأن يقول مثلا (نذر علي أن أعتكف في مسجد الحي) فيُجْزِئْهُ الاعتكاف في أي مسجد غيره، لأنه لا ميزة لمسجد على مسجد آخر وأما اذا خصَّ أحد المساجد بالاعتكاف فالواجب الوفاء بالنذر في المسجد الذي ذكره أو الأفضل منه فلو نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى يُجْزِئْهُ الاعتكاف في المسجد النبوي أو المسجد الحرام ولو نذر الاعتكاف في المسجد النبوي يُجْزِئْهُ الاعتكاف في المسجد الجرام وهكذا.

مبطلات عبادة الاعتكاف:

الخروج من المعتكف لغير عذر:

كأن يخرج لعيادة مريض أو زيارة صديق أو حضور جنازة، بل نية الخروج و لو لم يخرج فهي تبطل الاعتكاف لأنها تقطع النية الأولى للاعتكاف.

الوطء في الفرج:

لقوله تعالى (ولا تباشرهون وأنتم عاكفون في المساجد) [سورة البقرة: آية 187] ويبطل أيضا بمباشرة الزوجة مع انزال المني فهو تحت حكم الوطء.

الرِّدَّة:

كل الأعمال تبطل بالرِّدَّة والعياذ بالله لقوله تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والاخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). [سورة البقرة – الآية 217]

السُكر:

وإذا تناول مسكرا فذهب عقله بطل اعتكافه وهذا لانقطاع النية.

ولا يُبطل الاعتكاف بخروج المعتكف لقضاء حاجة ضرورية كالذهاب لبيت الخلاء أو للوضوء، أو ليأتي بطعامه وشرابه أو لازالة نجاسة وقعت عليه أو لجمعة تلزمه.

وينبغي للمعتكف أن ينوي مدة بقائه في المعتكف ولو كانت المدة يسيرة.

 حُكم الاعتكاف في البيت بسبب الحجر الصحي:

كما ورد أعلاه، ذهب الجمهور الى اشتراط المسجد للاعتكاف، وخالفهم في ذلك المالكية والأحناف الذين قالو بأن الاعتكاف في البيت مجزء لأن التطوع في البيت أفضل، وعليه ذهب العلماء في المدة الأخيرة وبسبب الوضع الصحي المفروض إلى أنه يمكن للمسلم أن يعتكف في بيته ولكن عليه أن يعتكف في المكان المخصص للصلاة عادة، وعليه أن يتجنب كل ما يمكن أن يتسبب في انشغاله عن العبادة.

اقرأ أيضا:

أحكام الصوم

اعتكاف رمضان في البيوت بسبب الكورونا